سورة المطففين - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المطففين)


        


{أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)}
{أَلا يَظُنُّ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ} استئناف وارد لتهويل ما ارتكبوه من التطفيف والهمزة للانكار والتعجيب ولا نافية فليست ألا هذه الاستفتاحية أو التنبيهية بل مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية والظن على معناه المعروف وأولئك إشارة إلى المطففين ووضعه موضع ضميرهم للاشعار ناط الحكم الذي هو وصفهم فإن الاشارة إلى الشيء متعرضة له من حيث اتصافه بوصفه وأما الضمير فلا يتعرض للوصف وللإيذان بأنهم ممتازون بذلك الوصف القبيح عن سائر الناس أكمل امتياز نازلون منزلة الأمور المشار إليه إشارة حسية وما فيه من معنى البعد للاشعار ببعد درجتهم في الشرارة والفساد أي ألا يظن أولئك الموصوفون بذلك الوصف الشنيع الهائل أنهم مبعوثون.


{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5)}
{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} لا يقادر قدر عظمه فإن من يظن ذلك وإن كان ظنًا ضعيفًا لا يكاد يتجاسر على أمثال هذه القبائح فكيف ن يتيقنه ووصف اليوم بالعظم لعظم ما فيه كما أن جعله علة للبعث باعتبار ما فيه وقدر بعضهم مضافًا أي لحساب يوم وقيل الظن هنا عنى اليقين والأول أولى وأبلغ وعن الزمخشري أنه سبحانه جعلهم اسوأ حالًا من الكفار لأنه أثبت جل شأنه للكفار ظنًا حيث حكى سبحانه عنهم {إن نظن إلا ظنًا} [الجاثية: 32] ولم يثبته عز وجل لهم والمراد أنه تعالى نزلهم منزلة من لا يظن ليصح الانكار وقوله تعالى:


{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)}
{يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبّ العالمين} أي لحكمه تعالى وقضائه عز وجل منصوب بإضمار أعني وجوز أن يكون معمولًا لمبعوثون أو مرفوع المحل خبرًا لمبتدأ مضمر أي هو أو ذلك يوم أو مجرور كما قال الفراء بدلًا من {يوم عظيم} [المطففين: 5] وهو على الوجهين مبني على الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعًا كما هو رأي الكوفيين وقد مر غير مرة ويؤيد الوجهين قراءة زيد بن علي يوم بالرفع وقراءة بعضهم كما حكى أبو معاذ يوم بالجر وفي هذا الإنكار والتعجيب وإيراد الظن والاتيان باسم الإشارة ووصف يوم قيامهم بالعظمة وإبدال يوم يقوم إلخ منه على القول به ووصفه تعالى بربوبية العالمين من البيان البليغ لعظم الذنب وتفاقم الاثم في التطفيف ما لا يخفى وليس ذلك نظرًا إلى التطفيف من حيث هو تطفيف بل من حيث إن الميزان قانون العدل الذي قامت به السموات والأرض فيعم الحكم التطفيف على الوجه الواقع من أولئك المطففين وغيره وصح من رواية الحاكم والطبراني وغيرهما عن ابن عباس وغيره مرفوعًا خمس بخمس قيل يا رسول الله وما خمس بخمس قال ما نقض قوم العهد إلا سلط الله تعالى عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله تعالى إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر وعن ابن عمر أنه كان يمر بالبائع فيقول اتق الله تعالى وأوف الكيل فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى أن العرق ليلجمهم وعن كرمة أشهد أن كل كيال ووزان في النار فقيل له إن ابنك كيال ووزان فقال أشهد أنه في النار وكأنه أراد المبالغة لما علم أن الغالب فيهم التطفيف ومن هذا القبيل ما روى عن أبي رضي الله تعالى عنه لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤس المكاييل وألسن الموازين والله تعالى أعلم. واستدل بقوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ} إلخ على منع القيام للناس لاختصاصه بالله تعالى وأجاب عنه الجلال السيوطي بأنه خاص بالقيام للمرء بين يديه أما القيام له إذا قدم ثم الجلوس فلا وأنت تعلم أن الآية عزل عن أن يستدل بها على ما ذكر ليحتاج إلى هذا الجواب وأرى الاستدلال بها على ذلك من العجب العجاب وقوله تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8